لقد اجتهد المجتمع الدولي من أجل وضع مبادئ وقواعد قانونية لتنظيم العلاقات بين الدول سواء كانت في حالة الحرب أو السلم إذ تطور القانون الذي يحكم النزاعات المسلحة من شكله العرفي إلى أن استقر وأصبح مكتوبا، إذ أن المجتمع الدولي قد خطى خطوه مهمة في مجال النزاعات المسلحة بعد أن كانت الحرب مشروعة فتم تجريمها بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة ونصت على مبدأ حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية. من المعلوم أن الحرب في الوقت الراهن أصبحت محظورة وفقا لقواعد القانون الدوليّ، وبالتطبيق لمبدأ حظر استخدام القوة، حيث لا يجوز اللجوء إليها كوسيلة لحل المنازعات الدولية. إلا أن ذلك لم يمنع المجتمع الدوليّ من تنظيم وتقنين استخدامها، والسبب في ذلك يرجع إلى واقعية القانون الدوليّ، بجانب محاولة تغيير السلوك البشرى خلال النزاعات المسلحة، خاصة مع ذكريات الحروب التي مرت بها البشرية والتي لم يكن فيها أي قيم إنسانية ولا أخلاقية، بل اتصفت بالوحشية والظلم والتعذيب، الذي نهت عنه كل الأديان السماوية. فطالما النزاعات سلوك أو تصرف إنسانيّ، فكان ولابد من تنظيمه بدلا من شجبه واستهجانه، خاصة أن الحروب والنزاعات سوف تستمر ما استمرت حياة الإنسان على الأرض. يعتبر الصراع من الحقائق الثابتة في الواقع الإنسانيّ، منذ نشأة الحياة على الأرض، وفى العصور القديمة كانت الحروب تتسم بالوحشية والمغالاة في سفك الدماء، ولم ينج منها أحد. فظهرت الحاجة إلى ضرورة خلق قواعد يلزم مراعاتها أثناء الصراعات تعمل على مراعاة الاعتبارات الإنسانية، وعلى مر العصور تشكلت هذه القواعد وأصبحت في وقتنا الحالي فرعا قانونيا هاما من فروع القانون الدوليّ العام وهو القانون الدوليّ الإنسانيّ.